كان بشر رجلاماجنا ً لاهيا ً، وذات يوم مر بداره رجل عالم فاضل من علماء عصره ، فسمع آلات الطرب والغناء ، فاقترب من باب الدار وقرع الباب ، فخرجت إليه خادمة بشر
فقالت : نعم سيدي !
قال الرجل العالم : صاحب هذه الدار حر أم عبد ؟
فقالت الجارية : لا بل حر.
فقال العالم: صدقتي ، لو كان عبدا لقام بحق العبودية
ثم انصرف إلى جهته وعادت الجارية إلى سيدها بشر
فقال لها بشر : من بالباب ؟
قالت : رجل يسأل أحر صاحب الدار أم عبد ، فقلت له بل حر
فقال بشر : أين الرجل ؟
قالت : ذهب في سبيله
وهنا تغير بشر وكأنه على موعد مع هذه الكلمة
فقال لها : أين توجه ؟
قالت : من هذه الناحية
فأسرع إليه حافي القدمين حاسر الرأس حتى لحق به غير بعيد
فقال بشر : أنت الذي قرعت باب داري ؟
قال العالم : نعم .
قال : فماذا قلت للجارية ؟
قال العالم : قلت أحر صاحب الدار أم عبد ، فقالت الجارية: بل حر، قلت : صدقتي لو كان عبدا لقام بحق العبودية.
وهنا قام بشر وألصق خده بالتراب
وقال : بل عبد بل عبد بل عبد
ومن حينه توجه بشر إلى خالقه ومعبوده ، ورجع إلى داره ، فكسر أدوات الطرب ، وطرد شلة الشر التي كانت تلازمه .
وكان بعد ذلك يمشي حافي القدمين حاسر الرأس
فيقال له : لم لاتلبس النعال ؟
فيقول : صالحت ربي على هذه الحال فلا أتحول عنها حتى ألقاه.